استيقظت ريم ابنة التاسعة مبكرا كعادتها وكانت تجلس بمكتبها مشغولة بكتبها وأوراقها .. عندما دخلت أمها وسألتها ماذا تكتب .. فأجابتها ريم أنها تكتب رسالة إلى الله .. فسأتلتها أمها إن كانت ستسمح لها بقراءتها لكن ريم رفضت وأخبرتها أن الرسائل خاصة ولا تحب أن يقرأها أحد .. مر على الموضوع عدة أسابيع .. وكان والد ريم مقعدا وحالته الصحية تسوء يوما بعد يوم .. وقد تناست أم ريم أنها لا تزال طفلة .. ودون رحمة صارحتها أن الطبيب أكد لها أن قلب والدها الكبير الذي يحمل لها كل الحب بدأ يضعف كثيرا وانه لن يعيش لأكثر من ثلاث أسابيع .. انهارت ريم وظلت تبكي وتردد: لماذا يحصل كل هذا لبابا ..؟! لماذا ..؟! ثم داست على ألمها وتشجعت وقالت : لن يموت أبي. استغربت الأم ثقة ابنتها الصغرى وتذكرت رسائلها فدخلت غرفتها بعد ذهابها للمدرسة لتجد رسائل كثيرة: يا رب … يا رب … يموت ( كـلـب ) جارنا سعيد .. لأنه يخيفني!! يا رب … قطتنا تلد قطط كثيرة .. لتعوضها عن قططها التي ماتت !!! يا رب … ينجح ابن خالتي .. لاني احبه !!! يا رب … تكبر ازهار بيتنا بسرعة .. لأقطف كل يوم زهرة وأعطيها معلمتي ، والكثير من الرسائل الأخرى وكلها بريئة .. من أطرف الرسائل التي قرأتها هي التي تقول فيها : يا رب … يا رب … كبر عقل خادمتنا .. لأنها أرهقت أمي .. وقد ذهلت الأم لأن كل الرسائل مستجابة .. لقد مات كلب جارهم منذ أكثر من أسبوع .. قطتهم أصبحت لديها صغار .. ونجح احمد بتفوق .. كبرت الأزهار .. ريم تأخذ كل يوم زهرة إلى معلمتها.. وهنا استغربت الأم عدم دعاء ريم لوالدها بالشفاء .. وهنا رن الهاتف من المدرسة يخبرونها أن ريم وقعت من الدور الرابع وهي في طريقها إلى منزل معلمتها الغائبة لتعطيها الزهرة .. وهي تطل من الشرفة .. وقعت الزهرة .. ووقعت ريم .. كانت الصدمة قوية جدا لم يتحملها والداها .. مرت سنوات على وفاتها .. في صباح صرخت الخادمة على صوت وقوع اللوحة التي زينت بآيات الكرسي .. والتي كانت تحرص ريم على قراءتها كل يوم حتى حفظتها ..وحضرت أمها وحين رفعتها كي تعلقها وجدت ورقة وضعت خلفها .. إنها إحدى الرسائل .. وتساءلت ما الذي كان مكتوب في هذه الرسالة بالذات ولماذا وضعتها ريم خلف الآية الكريمة إنها إحدى الرسائل التي كانت تكتبها ريم إلى الله ..كان مكتوب .. يا رب … يا رب … أموت أنا ويعيش بابا